عقبال 100 سنة

عنوان غريب ولكنها جملة درجنا على استخدامها في أعياد الميلاد عندما نتمنى للشخص المحتفى به مائة عام من العمر والصحة فماذا لو كنت تعرف شخص سيحتفل بمئويته خلال أيام من الآن؟ قرن كامل من الزمان شهد العديد من الأحداث الجسام التي نذكرها جميعا إما بالحب والفرح أو الحزن والامتعاض. فما بالك لو كان نفس هدا الشخص هو من صنع العديد من الأفراح والأتراح لدينا ولدى الكثير من البشر حول العالم. ولكن ماذا لو كان هذا الشخص اعتباريا وليس شخص طبيعي اى انه مؤسسة أو كيان له شخصيته وسماته الخاصة به التي تميزه في أنحاء العالم، وكل مصري يكن مشاعر تجاه هذا الشخص لأنه دائما وابداً يحمل أسم وراية ورموز بلاده هل يقلل هدا من أهمية الحدث؟ اعتقادي الشخصي لا يقلل منه لان الشخص الذي نتحدث عنه هو منتخب مصر لكرة القدم.

نعم أنا اسمعك و اسمع اعتراضك " منتخب إيه يا بنى بس هو أحنا في إيه و لا في إيه" وأيضا أقول لك نعم لديك بعض الحق فالظروف الحالية التي نمر بها أنستنا جميعاً همومنا الصغيرة و من ضمنها هذا المراوغ المحبوب الذى لطالما أفرحنا و أبكانا حتى لتحس أن كوكب الشرق أم كلثوم كانت تعنيه عندما شدت برائعتها حيرت قلبي و هي تقول عنه "أقول لك على سهرني و أقول لك على بكاني"  و نحن نرد من رائعتها اسأل روحك " أنا منسيتش الحب و عهده و لا أيامه و لا لياليه" لقد حمل هدا الشقي أحمالا تفوق الجبال أحياناً و اكبر من حجمه وطاقته في التحمل وعلى مدار قرن كامل من الزمان لقد بث الفرحة في قلوبنا الحزينة ورفع راية بلادنا إينما و حيثما لم نستطع ذلك بأي سبيل أخر وأبكانا و احزننا بل و في أحيان أخرى خدلنا. وحكاياتنا معه وعنه لا تنتهي ابدا وربما كانت مراجعة تلك الحكايات والأساطير التي يعلم بعضنا منها الكثير ويجهل اغلبنا عنها أكثر لنداعب خيال من اضطر لعزلة إجبارية من التباعد الاجتماعي الذي فرضه علينا الواقع المرير وحجم كارثة الجائحة ولنتواصل مرة اخري حول واحد من المواضيع المفضلة لمناقشات المصريين.  وأيضا فلنستفد من التوقف الإجباري لنشاط كرة القدم ونراجع العديد من الأخطاء التي ارتكبت في حق الرياضة المصرية وعلى قمة هرمها معبودة الجماهير (لا ليست الفنانة شادية) ولكن المجنونة كرة القدم ومن يمثل الكرة خيراً من منتخب البلاد المرتدي الوانها والملتحف بحب واهتمام شعبها.

من أين تبدأ الحكاية اذاً؟ كالعادة و في كل بلاد العالم العاشقة لكرة القدم فقد قام الإنجليز بإدخال العابهم الرياضية المفضلة و أهمها كرة القدم إلى مصر في نهايات القرن التاسع عشر بعد الاحتلال البريطاني لمصر مباشرة فما مرت بضعة أعوام إلا ووقع المصريون في غرام اللعبة و انتشرت مزاولتها متى و أين امكنهم لعبها بل لقد استخدموها للتعبير عن الروح الوطنية في وجه المستعمر البريطاني فتحدوه في لعبته قبل بزوغ شمس القرن العشرين في صورة أول منتخب وطني شعبي (غير رسمي) يتنافس باسم مصر كانت ما أطلق عليه أسم التيم المصري والذي تبارى مع فرق الجيش البريطاني بقيادة محمد افندي ناشد (في مباراة شهيرة بميدان القلعة عام 1899) و خلال النيف و عشرون عاماً التالية تطورت مهارات المصريين في مداعبة الكرة وظهرت مواهب أسطورية لم نرها بل سمعنا عنها مثل حسين بك حجازي الذي مارس الكرة في عقر دار الإنجليز مخترعي كرة القدم بصورتها الحديثة و تروى الحكايات عن مشاركته منتخبهم في التباري على الصعيد الدولي كما تعلم المصريون فنون إدارة شئونها وظهرت الأندية و الفرق المصرية تتبارى في مسابقات محلية ربما كان أهمها و اقدمها كأس السلطان حسين كامل الذي بدء في عام 1916   . و لكن ما يهمنا هنا هو متى وأين وكيف طهر أول منتخب يحمل بصفة رسمية معترف بها دولياً اسم منتخب مصر لكرة القدم و كان ذلك بمناسبة إقامة الألعاب الأوليمبية رقم (7) في مدينة انتويرب (إنفرس/انتيفربين) البلجيكية حيث دعي المنتخب المصري للتباري في مسابقة كرة القدم الأهم على الصعيد العالمي في حينها و تشكل بناء على هذ المنتخب المصري من قبل حتى ان يتم إنشاء الاتحاد المصري لكرة القدم وانضمامه لأسرة الاتحاد الدولي (الفيفا) فمتى و أين كان الظهور الأول على المحافل الدولية لمنتخب مصر أما متي فقد كان بعد ظهر يوم 28 أغسطس عام 1920 و أين فعلى ملعب لاجونتواز(ملعب نادى جنت) في مدينة جنت البلجيكية للتباري مع المنتخب الإيطالي و من هنا كانت بداية مشوار المائة عام.

إذا في يوم 28 أغسطس عام 2020 بإذن الله تعالى سوف نقوم بإطفاء مائة شمعة في احتفال منتخب مصر ببلوغه عامه المائة من العمر تخيل يا عزيزي و أنت تحمل ألوان علم مصر مهما تغيرت و تحمل أسمها الرسمي مهما كان في المحافل العالمية , تفرح محبيك و تدخل البهجة على قلوبهم تارة و تحزنهم تارة وتثير داخلهم مشاعر الفخر و الشرف أحيانا و تثير مشاعر الحزن و الخزى أحيانا أخرى هذا الكائن المحبوب الذى نعامله معاملة الشخص الطبيعي و نتابعه بشغف دائماً فقد لعب هذا المنتخب باسم مصر و هي سلطنة ومملكة و جمهورية و جمهورية اتحادية بل و هي عضو في اتحاد جمهوريات و لكنه دائما و ابدا كان جزء من تاريخ مصر فرفع راياتها و لبس الوانها و وضع على قميصه شعاراتها و تشكل من أبنائها.

فلنتابع معاً في الحلقات القادمة حكايات منتخب حمل آمال وحب المصريين وتحمل عبئ تمثيلها. من هم الذين ارتدوا قميصه ماهي اهم مشاركاته وكيف وأين خاض مبارياته كيف كان سلاحاً ديبلوماسياً وشعبياً في يد بلاده وكيف ظلمته السياسية بل وخذلته أحيانا وكيف نصرها هو أحيانا أخرى فكان صوت انسحابه مدوياً أكثر حتى من انتصاراته في الملعب، كيف بلغ يوماً المركز الرابع على العالم وتألق في كل المحافل العالمية والقارية وكيف حرم من المشاركة بل ومن حمل اسم مصر نفسها في بعض الأحوال.

تابعنا عزيزي القارئ في هذه السلسة المشوقة 100 سنة منتخب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة